جدول أعمال
متراكم و لائحة بحاجات المفروض أعملها و كتب المفروض أقراها و حاجات المفروض
أشوفها .. ولكن مش بعمل ده كله.
ليه؟ مستعدين
لإجابة طويلة؟ لأ؟ بس أنا برضة هقول.
أسبابي كتيرة
جداً، أولها و أهمها أن رغم أهدافي الكتيرة دي حاسة أني معنديش هدف سامي أعيش عشانه.
نفسي أساعد الفقراء بس بقعد أفكر انا هعمل إيه عشانهم، عايزة يكون ليا دور في حقوق
الإنسان لكن تفكيري بياخدني أن فيه أكيد ناس مؤهلة أكتر مني، كانت شغلتني لفترة
قضية أطفال الشوارع بس لقيت ناس بتبذل مجهود أكتر في المجال ده من اللي ممكن
أعمله. طبعاً مش بالضرورة دي الأهداف السامية الوحيدة في الحياة بس أنا بدي مثال
مش أكتر. أحلامي، اني أكتب روايتي وأطبعها و أنال تقدير عليها يشجعني أبدأ عملي
اللي بعده، أني أزور دول و أماكن معينة، أني أشتغل بصفة رسمية في مجال الراديو..
زي ما أنتم شايفين كل أحلامي أنا .. أنا .. أنا. ساعات لما بتسعى عشان هدف ملوش
علاقة بيك ده بيكون دافع أكبر، أنك تكون متحمل مسئولية حد تاني ده أكبر تشجيع،
حالياً انا حتى مش عارفة أجيب قطة أتحمل مسئوليتها.
تاني سبب،
المكان أو البلد. أنا مش محتاجة أتكلم عن مصر وعن قد إيه هي مخيبة للأمال و قاتلة
للأحلام، ده كلام مفروغ منه. أنا عايزة أعمل حاجات كتيرة بس المجتمع ده بيوقفني،
أبسط حاجة نفسي أمارس رياضة الجري في حديقة ما كل يوم الصبح .. هل أقدر أعمل كده؟
لأ. ليه؟ لأن ببساطة في اللي هيتريق عليا و ممكن حد يضايقني و هكذا. هي دي مشكلة
في مصر بس؟ أيوة. ناخدها على مثال أكبر شوية، نفسي أعمل مشاريع كتيرة، ولكن أقصى
عدد ألاقيه بيدعم المشروع ده في المجتمع كله ممكن يكون محيطي اللي لا يتعدى 10
أشخاص مهتمين بالموضوع ده. ليه؟ لأن المصريين كده. ساعات بتخيل لو أني مكنتش
مصرية، هل حياتي كانت هتبقى أحسن؟ مقدرش أجزم لكني كنت متأكدة أني كنت هعمل أكتر
من اللي بعمله دلوقتي.
ثالث السبب
المجتمع، هم جزء من المكان بس دول عايزين كتاب مخصوص يتكتب عنهم. أنا رفيعة، إذن
بيتقالي "أنتي مش بتاكلي ليه؟"، "ما تاكلي كده عشان العريس
يجي" ، "أنتِ متخرجة، المفروض تكوني قاعدة بتاكلي" ، "أنتِ
رفيعة ليه؟" .. طبعاً بمسك نفسي عن أني أقول كلام خارج، حفاظاً على ماء
الوجه، لكن هنا بيحضرني جملة مهمة "وأنت مالك؟". خلقة ربنا يا أخي أنت و
هو و هي، جتكم القرف. مادام الرفع مش عاجبكم بتعملوا رجيم ليه يا أستاذة أنتِ وهي؟
ولا هو حلو ليكم، وحش عليا؟ ده موضوع واحد من مواضيع عديدة، وخلتني أتأكد عن
المصريين مسمعوش عن مصطلح "خليك في حالك يا رخم". أنا مش محتاجة أتكلم
عن المجتمع المقزز ده. وكأن شعار المصريين في كل زمان و كل مكان، "كل كتير،
نام كتير، ومتنساش تتجوز وتخلف".
أنا عايزة أعيش
في شقة لوحدي، يفضل معايا قطة بيضاء في شارع هادئ بمدينة سيول. أصحى الساعة 5 أجري
ساعة و بعدين أفطر الساعة 6 و أروح شغلي الساعة 7 وأرجع الساعة 3 أو 4 وأحضر غدوة
لطيفة قريت عنها وأشتري حاجة تسليني و أنا راجعة البيت. بليل ممكن أشوف دراما، أو
أرسم شوية، أو أكتب حاجات، أو أتصفح النت و أنا قاعدة في البلكونة بأكل أيس كريم و
جنبي قطتي. أو ممكن أخرج مع أصحابي نروح كايروكي كافيه، او نتمشي في دونجديمون
(أحد أهم شوارع التسوق في كوريا)، أو نحضر حفلة لمغني أو فريق من فرقي المفضلة.
ممكن أنزل
أكتشف المنطقة المحيطة بيا و أكتشف ست عجوزة بتمشي الكلب بتاعها يومياً في المنطقة
دي و تبقى من صديقاتي المقربين ونقعد ناكل كيمباب (من الأكلات الكورية الخفيفة) مع
بعض. ممكن أروح الحديقة في أيام الأجازة أنا وأصدقائي أو نروح سيتي هال (من أكبر
المولات في كوريا) و نصرف مرتب الشهر كله. ممكن نزور المتاحف أو المكتبات اللي
هناك و أشتري كتب وأقلام ملونة و كراسات رسم كتيرة، رغم أني مخلصتش اللي عندي. و
أقعد أزن على أصدقائي الكوريين يقولولي معنى كلمة كوري مفهمتهاش وسط الكلام، لأن
لسة مأتقنتش الكوري 100% ويضحكوا و يقولولي كلمة تانية و ازعل منهم و يصالحوني
بتذكرة لحفلة إف تي أيلاند.
أنا مرتبة
لنفسي حياة مثالية، لكن مشكلتي أنها مش هنا.
حاسة أن اللي
عايشاه دلوقتي حياة والسلام، وكل أحلامي المؤجلة دي هي حياتي الحقيقية، لكن
هعملها؟ مش عارفة. هل أنا بحلم زيادة عن اللزوم و لازم أكون قنوعة؟ مش عارفة. هل
المفروض أرضى باللي معايا حالياً ومكونش طماعة أكتر من كده؟ ممكن. ساعات كتير بحس
أن مكاني مش هنا، بحس بالغربة كل ما بشوف الناس في الشارع، كل ما يتكلموا في
مواضيعهم، اللي هي المفروض تبقى مواضيعي، بأحس أني عايزة أقوم و أمشي. كل ما أسمع
أخبار البلد بكون عايزة أسد وداني و أهرب من هنا.
أنا مش عايزة
أفضل هنا.