Saturday, April 26, 2014

سر بريق الأعين




مرهفة هي، ضعيفة جداً، تبكي من أقل كلمة، ولكنها تجيد التمثيل.

هي فتاة لا تزال تخشى فقدان أشياء أكثر من السحر، ولكن لسبب ما يعود كل شئ في النهاية إلى السحر بطريقة ما. أي شئ في العالم له بريقه و سحره الخاص، وهؤلاء الذين لا يشعرون بطعم الحياة ويقابلونك بوجه جامد في الصباح الباكر؟ هؤلاء فقدوا السحر، ربما لم يبذلوا المجهود الكافي لإكتشافه و البحث عنه أصلاً.

تنظر كل يوم إلى المرآة وتحاول أن تتبين ذلك البريق الذي يقول الأخرون أنه يبرز واضحاً في عينيها عندما تضحك، وتتسائل كيف أعرف أنني فقدته؟ هل سأشعر به؟ هل سيتساقط مني مثل تساقط حبات المطر على رأسي ثم على قدمي؟ أم سينطفئ مثله مثل مصباح مكتب وسأشعر بكبسة زر بسيطة وبعدها تتحول الحياة إلى لونها الرمادي الذي أخشاه، بمجرد أن أفقد بريق عيني. ما الذي يجعله موجوداً أصلاً؟ كيف أحافظ عليه؟

تنتقل إلى شفتيها و تضحك، إبتسامتها كبيرة "زيادة عن اللزوم" في أحيان كثيرة. يقول البعض أنها مُعدية. هي تحب نقل تلك العدوى. أحاول نقلها، ولكن في أوقات كثيرة جداً، أحتاج من ينقلها لي. أحياناً أحتاج من يفرحني بصدق، من ينبش أعماق قلبي ويجد أسراري وأحزاني التي أرغب بالبوح بها ولا أستطيع، ويخبرني أن –صدقاً هذه المرة- كل شئ سيكون على ما يرام، شخص ما أصدقه حين يقول هذه الكلمات الروتينية المكررة.

لاحظت للتو كم تحتاج أشياء كثيرة، ولكن عندما يسألها أحدهم ماذا تحتاجين في الحياة، ترد وتقول: لا شئ. لا تعرف لما. هل عدم ثقة في الأخرين؟ أم إيقان منها بان رغباتها تلك لم يأتي بعد الشخص الذي سيحققها؟ أعتقد أنها توصلت مؤخراً للسبب، هي لا تعرف ماذا تحتاج في الحياة. هي تعرف أنها بحاجة إلى حب ومغامرات و طمأنينة ونوم هانئ وأحلام كثيرة، بحاجة إلى قبلات وأحضان دافئة بحجم الكون، بحاجة إلى نظرات كثيرة وحوارات تمتد الليل بأسره، لكن ما الذي قد يحقق كل هذا؟ هل تكون هذه هي الحياة؟ هل يحق لها أن تطلب هذه الحياة؟ هل تستطيع أن تحلم بها على الأقل؟

وربما فقط هي تحتاج من يلبي رغباتها دون أن تخبره بها. كانت هذه أقصى مشاكلها، فهي تكره أن تطلب الشئ، حتى وإن تم تنفيذه بعدها، لقد فقد معناه بالنسبة لها. قررت ألا تخبر أحداً بما ترغب به، وربما قد يكتشف أحدهم بما تريده فعلاً في الحياة. ربما.

تخاف الرحيل و تخاف التعلق، أصبحت تخشاه بشدة. فقد إنكسر قلبها مئات المرات وبعد كل مرة ترممه فيها ينكسر مرة أخرى، حتى أنها لم تعد تريد ترميمه بعد اليوم. لم تعد تريد التعلق و الحب بجنون، أصبحت تخشى كل ما يتعلق بالأشخاص، فهم يرحلون في النهاية، وربما هي من ترحل، لا تعرف. ولكن تلك النهايات السعيدة ليست مضمونة دائماً.

ربما سيخبرها أحدهم سر بريق الأعين، ربما ستعرف سر الضحكات والفرحة القادمة من القلب مباشرة. ربما لن يرحل الناس و سيبقون كما هم، وربما لن ترحل هي. وربما فقط ربما، لن تضطر إلى اللجوء إلى التمثيل. 

3 comments:

  1. "إبتسامتها كبيرة "زيادة عن اللزوم" في أحيان كثيرة. يقول البعض أنها مُعدية. هي تحب نقل تلك العدوى. أحاول نقلها، ولكن في أوقات كثيرة جداً، أحتاج من ينقلها لي. أحياناً أحتاج من يفرحني بصدق، من ينبش أعماق قلبي ويجد أسراري وأحزاني التي أرغب بالبوح بها ولا أستطيع"

    "لم تعد تريد التعلق و الحب بجنون، أصبحت تخشى كل ما يتعلق بالأشخاص، فهم يرحلون في النهاية، وربما هي من ترحل، لا تعرف. ولكن تلك النهايات السعيدة ليست مضمونة دائماً."

    إحساس عالي

    رائعة بالتوفيق استمري ")

    ReplyDelete
  2. الله يا رضوى ..
    جميل جدًا

    لاحظت للتو كم تحتاج أشياء كثيرة، ولكن عندما يسألها أحدهم ماذا تحتاجين في الحياة، ترد وتقول: لا شئ. لا تعرف لما. هل عدم ثقة في الأخرين؟ أم إيقان منها بان رغباتها تلك لم يأتي بعد الشخص الذي سيحققها؟ أعتقد أنها توصلت مؤخراً للسبب، هي لا تعرف ماذا تحتاج في الحياة. هي تعرف أنها بحاجة إلى حب ومغامرات و طمأنينة ونوم هانئ وأحلام كثيرة، بحاجة إلى قبلات وأحضان دافئة بحجم الكون، بحاجة إلى نظرات كثيرة وحوارات تمتد الليل بأسره، لكن ما الذي قد يحقق كل هذا؟ هل تكون هذه هي الحياة؟ هل يحق لها أن تطلب هذه الحياة؟ هل تستطيع أن تحلم بها على الأقل؟
    .....
    حقيقي راائع

    ReplyDelete