على المقهي
يجلس، يرسم بقلم رصاص على ورقة مليئة بخربشات لا يعلم من أين تأتي. أمامه كوب
الشاي الساخن، هذا كوبه الثالث، و لم يصل إلى ضالته بعد. يرسم و يكرمش أورق و
يرميها في حقيبة بجواره، لم يجد الرسمة التي يريد. رسم فتاة بدون ملامح، رسم بحر و
شمس و سماء، رسم قطة و لم يكمل قدميها و ذيلها، رسم كوب شاي و وردة، لكنه رسوماته
ينقصها شئ، تماماً مثل حياته.
...
على المقهى
تجلس تقرأ جريدة تعرف انها لن تكمل سوى صفحتها الأولى و الأخيرة. الكسل يمنعها من
أن تقلب في صفحاتها و هي في هذا المقهى، ربما عندما تذهب إلى المنزل ستكملها، دوماً
تقول هذا و لا تفعل. تكره البطء و لكنها كسولة، تكره تكاسل الأخرين لا تكاسلها.
تكره عندما يتأخر النادل عن إحضار كوب النسكافيه و لكنها تنساه حتى يبرد و ترتشف
منه رشفتين فقط، لتطلب غيره. فهي تعرف أنه مثله مثل أي شخص في حياتها، لا يستحق
سوى رشفة فقط.
...
على المقهى
يجلسان يبدو واضحاً للعيان أنهما يتشاجران، و لكن هذا بالنسبة لهما روتين يومي. يطلب
شئ فتطلب مثله، فيحكي ذلك الموقف الذي أغضبه فتغضب لأنه "لسة حاطه في
دماغه" فتبدأ جولة شجار جديدة، لتنتهي بـ" براحتك!" من كلا
الطرفين. يدور في عقل كلا منهما شئ واحد "أنت ليه مُصر تبوظ اليوم؟" قبل
أن يقول كلا منهما نكتة في أن واحد. يضحكا بقوة ينسيا معها شجار اليوم.
...
على المقهي
يجلس، يطلب القهوة التي تظبط الدماغ، ليكتب أبيات شعرية جديدة، عنها و لها.
ينتظرها، يعرف أنها لا تتأخر عادة و لكن ربما هي زحمة الطريق. ينظر حوله، يلتفت،
لا يراها، تراه هي. تتسلل خلفه وتريد أن تفاجئه. يراها قبل أن تفاجئه. تجلس و تطلب
كوب الشاي اللي بيظبط الدماغ.
....
على المقهى
تجلس في يدها كتاب و بجوارها هاتف محمول تلهو به. هي عادة لا تلهو به إلا إذا كانت
بالخارج لتبين لمن حولها أن هناك ما يشغلها، تفكر فيه. تقرأ صفحة من الكتاب و
تتذكره، تقرر أن تتصل به، يتحدثا قليلاً لتشرب بعدها كوب الفراولة الذي تحب. تعرف أنه مثله مثل الفراولة، إدمان لا تستطيع الشفاء منه.